قال لأمه: لماذا أدرس بالمدرسة؟ فردت عليه حتى تحصل على شهادة،
فقال لها: ولماذا الشهادة؟ فردت عليه حتى تعمل بها وتحصل على المال،
فقال لها: ولماذا المال؟ فردت عليه: حتى تتزوج وتستقر حياتك. فقال لها: هل نسيت أن أبي غني فردت عليه:
كما تعب وكسب المال فلابد أن تتعب أنت فقال لها: وهل تريدون أن تعاقبوني. فالتفتت إليه ثم سكتت وشعرت أنها أحرجت أمامه، ثم قطع تفكيرها قائلاً:
هل أفهم من كلامك أني أتعلم من أجل المال؟ لكن أبي غني ولم يتعلم فما هو تحليلك لذلك ؟
ثم قال لها: هل سمعت عن (بل غيتس) أغنى رجل في العالم قبلته جامعة هارفرد حتى يتم دراسته فيها ولكنه رفض إكمال الدراسة وانصرف لينفذ فكرة كانت برأسه والآن هو أغنى رجل في العالم. ولو تأملت أغنى أغنياء العالم لوجدت أن الشهادة لم تكن أساساً في حياتهم، فالمال له ألف طريقة يا ماما..
نظرت أمه إليه باستغراب وهي تستمع إلى خطاب لم تكن تتوقع أنها تسمع مثله، وبدأت تفكر في نفسها فاكتشفت أنها كانت تردد عليه كلام أمها لها، ولكنها لم تحسب أن الجيل الحالي تغير في كل شيء بل حتى قدراته أكبر من قدراتنا عندما كنا صغاراً
فأطفال اليوم يفتحون الكمبيوتر ليشاهدوا برنامجاً معيناً وفي نفس الوقت يتحدثون مع أصدقائهم من خلال الدردشة ويردون على الإيميل ويذاكرون دروسهم وكل ذلك في نفس الوقت، فقدراتهم العقلية تنمو بشكل سريع ومتنوع حتى أصبح التعليم المدرسي بالنسبة لهم بطيئاً جداً
وأذكر إحدى قريباتي وهي فتاة لم تتجاوز الخامسة والعشرين عاماً حضرت محاضرة لداعية يتحدث عن حب الله ورسوله وكانت المحاضرة مدتها ساعة ثم جاءت إلي تقول كان يكفي المحاضر أن يوصل لنا هذا المعنى في خمس دقائق لأنه بعد أول خمس دقائق بدأ يؤكد على ما ذكره في البداية ونحن شعرنا بالملل وإن كان الموضوع مهماً،
إن من يخاطب هذا الجيل بلغتهم وبإيقاعهم فهو فنان وماهر ولهذا أدرك (روبرت تي كبيوساكي) مؤلف لكتاب (الأب الغني والأب الفقير) هذا المعنى فألف كتابه الذي وضع فيه منهجاً في مخاطبة الطفل وتربيته على كيفية فهم المال وحقيقته واستثماره حتى يكون تفكير الطفل منذ صغره مثل تفكير التجار وقد بسط ذلك بذكاء .. فلم يعد الخطاب مع الأطفال بتوجيههم لنيل الشهادة من أجل المال هو النافع،
وإنما التربية الاقتصادية للطفل لها منهجها وإن كنا نحن نفتقر هذه التربية حتى في مناهجنا المدرسية فمنهج الروضة والابتدائية والمتوسطة والثاني لا يعلم الطفل كيف يتعامل مع المال، ولهذا يخرجون أبناءنا إما مسرفين أو دائماً مدينين، إنا نحتاج إلى فهم أكثر لاحتياجات أبنائنا ومهارات لمخاطبة أولادنا.