يده ترتعش بالقلم ..يصارع الوقت حتى يفرغ اكبر قدر من انتقاداته على الورق .. صفحات وصفحات منذ ان بدا يعى
مايصل الى مسامعه من عبارات وهتافات ومصطلحات ..الرخاء والامن والرفاهية ..توقف المعاناه عصر الازدهار ..
كلها عبارات يسمعها ويصغى اليها ويضحك عقله منها ...كم اراد ان ياتى العصر الذى يتحدثون عنه .. فمنذ ان ولد وهو
يعيش فى عنق الزجاجة ..كيف له ان لا يقلق عند مجئ منتصف الشهر ..اصبح يخشى الحياة مثلما يخشى الموت ..بعد كل
شهر يعد هو وزوجته قائمة بالضروريات المتنازل عنها ...راح فى سبحة طويلة ..
.استعادته منها زوجته هامسة (هييه) الى اين ذهبت ؟؟.. )
قال : ستذهبين الى عملك فى الصباح ,المواصلات ,المعاكسات ,الطرق ,اصبحت اشك فى اخلاص
الزوجات..قلبى يتلوى بين اضلعى ليتنى استطيع ان ارحمك من هذا ..اتعرفى انى كل يوم ارى الدنيا وهى تغازل الاغنياء
ونحن الفقراء نشاهد المغازلة فى صمت ..نقنع انفسنا بانهم ربحوا من السرقة والنهب واشياء اخرى لنقلل بعض الحقد والغيرة
ولنطفئ نار الحاجة والعوز بداحلنا ..عاد الى سبحة اخرى (يوم مرض صغيرته سلوى) مسام جلده تسيل عرقا ساخنا غزيرا
اقتربت منه زوجته قلقة هى عليه من ان تعاوده الحالة مرة اخرى ..فاخر مرة احضرته من قسم شرطة المترو بعد ان وقف هاتفا
بانه مع البشير ويؤيد القضية ..
#. هيا بنا قم واسترح فشمس النهار اوشكت على الظهور ..
اتذكرى يوم موت سلوى؟؟!
صدمتها عبارته والقت بنفسهاعلى الاريكة بعد ان انهار صوتها ودموعها ..وبصوت مخنوق قالت : رحمة الله على ابنتنا فلذة
كبدنا..
.ماتت سلوتى لكنها مازالت تمر بخاطرى مرات ومرات .. صمت لبرهة وعاد قائلا : اتعرفين لعبة اليمين واليسار؟؟
غربة الوطن؟؟ لعبة الموت والحياة والفقر والمرض ..
.هيا بنا عزيزى هيا بنا الى السرير ...
مرت شهور وهو على حالته اعتكف المنزل .. عف الطعام ..طالت لحيته نضبت دموعه وتحجرت اذيالها فى عينيه..
يشرد ويعود الى هذيانه ..اليمين احق ..اليسار احق...عصر الازدهار .. ماتت سلوتى ..لا فائدة لا فائدة
هرول خارج البيت لحقته تناديه الى اين ؟؟؟
دعينى فلا فائدة منى ماعدت اصلح لشئ وعاد لهذيانه...